عايزين عبد الناصر جديد !!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قرائى الأعزاء ..
فى البداية أحب أن أؤكد بأننى لست ناصريا .. وهو شرف لا أدعيه ..وأنا أعلم أن كثير منكم لايحب عبد الناصر .. وكثير منكم صغار السن ولايعرفه..ولم يطالع سيرته وتاريخه .. وكثير جدا جدا من الحكام والمسئولين فى داخل مصر وخارجها لايحبونه .. ولا حتى عايزين يسمعوا أسمه .. ويمكن كتير منكم يزعل منى علشان المقالة دى .. لكنى عاهدت نفسى أن أكتب مايجول بعقلى وقلبى .. ولا أخاف فى الله لومة لائم ..ولأنى متأكدا أن مايخرج من القلب يدخل للقلب ..فإننى أكتب هذا المقال بقلبى..لاسيما وأن فى هذا الأسبوع يوافق ذكرى وفاة الزعيم والقائد العربى جمال عبد الناصر – رحمه الله رحمة واسعة -
مافيش زعيم عربى سواء كان فى الحكم .. أو فى المدافن !! حصل على تأييد شعبى ..وصل لحد الحلم ..زى عبد الناصر ..ورغم أننى لا أريد نقد مرحلة عبد الناصر فى زمان غير زمانها .. وفى وقت غير الوقت .. فإن عبد الناصر – رحمه الله – أنجز فى فترة حكمه .. ماعجز عن إنجازه كل الذين يتشدقون بالدكتاتورية ..وحكم الفرد .. والنظام الشمولى .. والكلام الكبير المجعلص ده !! وهو كلام – إبن عم حديد – مايعرفوش يفسروه !!وإن فسروه فهو نفاق .. وتقرب .. ومداهنة للحاكم .. سواء فى مصر أو العالم العربى !! والعجيبة ياأخى أنهم فى نفس الوقت يمارسون نفس الأفعال اللى نقدوها .. وسفهوها متعذرين .. أو معتذرين بأن فترة حكم عبد الناصر .. كانت إضطهادا .. وتعذيبا لكل معارضيه !!وللأسف أكثر ناس عملت الحكاية دى هم كتاب هذا الزمان.. الذين يغيرون مواقفهم .. كما تغير النساء فساتينهن وأحذيتهن ..
ففي الوقت الذي كانت فيه مصر تحفر الارض بحثا عن الدولار لانجاز مشروع لا يتم الا باستقدام الخبراء .. كان عبد الناصر يصنع الانتصار التاريخي في بناء السد العالي.. وتأميم قناة السويس.. وتوزيع الاراضي على الفلاحين ..وتأميم اراضي وشركات الذين اثروا على حساب الشعب وتركوه نهبا للجوع... في وقت كانوا فيه يعيشون حياة مرفهة الى حد الانبهار ..( صحيح ان البعض قد اصابهم الظلم البين نتيجة تلك التأميمات.. وان اخطاء كثيرة وقعت .. نتيجة للبيروقراطية .. والطمع .. وحب السلطة الجديد لناس عاشوا عمرهم كله خائفين منها .... ولكنهم كانوا ضحايا التصحيح .. أو الثورة ...).
فاذا ما سلمنا بذلك فاننا نسأل ان كان احد زعماء العرب سواء كان في هذا العصر او الذي مضى كان بشموخ عبد الناصر وانجازاته ... والإجابة بالطبع .. لا .. ولا حتى نصفه !! وقد يسمي البعض مرحلة عبد الناصر على انها مرحلة الهزيمه .. بالذمه ده كلام !! اليس التعلق بذيل امريكا ومحاورها هزيمه ؟ أليس استباحة الوطن العربي وغزوه هزيمة ؟ اليست الحروب القطرية والطائفية والاهلية في هذا الزمان هزيمه ؟ اكثر من ذلك .. اليس الجوع هزيمة ؟ اليس فقدان المواد الاساسية للمواطن والانسان العربي العادي هزيمه ؟ أليس التفرق وذبح فلسطين من الوريد الى الوريد هزيمه ؟ ( والمقصود فلسطين الشعب ..مش القادة والزعماء المزعومين ) ومع كل ذلك فان حكام هذا الزمان يجدون من يطبل ويزمر لهم وتلهج المحطات الاذاعية والفضائيات بذكر افعالهم ( المجيدة) في وقت ينامون فيه على بلايين الدولارات التي تضخ الى البنوك الغربية من السرقات واللصوصية .. ويكفي عبد الناصرفخرا انه مات وبضع ملاليم في جيبه .. وترك عائلته خلفه لله .. فبنى ابناؤه طريقهم من الكد والجوع والعرق والدموع أو حتى الصداقات والعلاقات .. لكنهم لم يرثوا من والدهم مليما واحدا ..!! في وقت نرى فيه ابناء الذين يحكمون قد انتزعوا ملياراتهم من الشعب والشيطان معا.. فاصبحوا في عداد المليارديرات .. كل ذلك يتم تحت شعار خدمة الشعب .. ويكفي عبد الناصر فخرا ايضا .. انه اعترف بالهزيمة التي حدثت بعد حرب 67 وتنحى عن الحكم ولم تسمح له كرامته ان يستمر فيه ولكن الجماهير هي التي اعادته الى موقعه ؟
أعرف ان العديد من شرائح الشعب العربي تكره عبد الناصر..ولكن (دكتاتورية ) عبد الناصر تعتبر مزحة امام مايقومون بافعال يندى لها الجبين .. ثم يفقعونك آية.. او حديثا يؤدلجون فيه تلك الدكتاتورية.. والعنف الذي يقومون به ضد ابناء جلدتهم.. ولا تستطيع ان تجادلهم خشية اتهامك بالكفر وان الشيطان يسكنك - والعياذ بالله - . ..
عبد الناصر لم يكن انسانا عاديا او زعيما مثل كل الزعماء .. لقد كان هرما رابعا .. ويكفي ان الذين يضطهدون الشعوب العربية كافة في هذه الايام كانوا يرتعدون عندما يذكر امامهم اسم عبد الناصر .. وكانت مصر على كل شفة ولسان .. وكان الانسان المصري يعيش دون مشكلات غذائية .. ودون تقلبات اسعار واختفاء المواد الاساسية لحياته .. فرغم ان اقتصاد مصر كان في كثير من الحالات يتعرض للازمات نتيجة المساعدات التي كان يقدمها نظام عبد الناصر لحركات التحرر في هذا العالم .. كان الانسان المصري يعيش .. ولا اقول عيشا رخيا .. ولكنه العيش الكريم الشريف الذي يفخر به ..
ويكفينا فخرا كأمة عربية .. ان كلمة عبد الناصر كان يتحدث بها امام الميكروفون لكي يحفظها الصغار والكبار عن ظهر قلب . أما زعماء اليوم .. فاننا نغلق المذياع أو التلفزيون عندما نرى وجوههم ( الطاهرة .. النقية .. وسيماء التقوى على جباههم من أثر السجود !!!) وهم يتقاطرون لاطراء العدو الذي يذبح ابناءنا وييتم اطفالنا بالمجان .. لا بل يدفع له بعض العرب اثمان الطلقات التي تخترق صدور اطفالنا!! .. ثم يتبجحون انهم يريدون مصلحة الشعب .. وانهم معتدلون .. وان العصر ليس هو العصر ..
حسنا .. انه عصر الجرائم والظلم والخديعة والانبطاح .. فهل نجد عبد الناصر آخر .. لكي يسير بنا على الطريق الذي سار فيه عبد الناصر في زمانه.. حتى تظل كرامتنا علما نفخر به ..؟ الله اعلم... وإنا أو أولادنا .. أو أحفادنا .. أو أولاد أحفادنا .. أو أحفاد أحفادنا.. لمنتظرون !!!!! بقلــم
صــلاح إدريــس
***************
تم نشرهذه المقالة فى عمودى الأسبوعى ( بالبلدى الفصيح ) عدد السبت الموافق 2 أكتوبر 2009 .. وأرجو أن ألفت إنتباه أهلى وناسى وأصدقائى الأعزاء... أننى قد نشرت مايقرب من 12 مقالة فى الصحف المختلفة منذ آخر مقالة نشرتها عليكم بأسم ( حكايات صيفية ) فى 27 يوليو 2009 .. وبعدها مقالة ( مقارنات بين ماضينا .. وحاضرنا ) التى نشرت أمس الإثنين 12 لأكتوبر 2009 بجريدة ( المصرى اليوم ) .. ولعل بعضكم شرفنى بمطالعتهما فى الصحف ... وأعدكم بأن أختار أفضلها وأنشرها عليكم تباعا .. وأعذرونى لفرض نفسى عليكم فأنتم عقلى وقلبى وأهلى وناسى واصدقائى الأعزاء.. الذين يمثلون لى عن حق طليعة من أسترشد بهم فيما يخطر لى من آراء وأفكار ..